خطبه الجمعه بعنوان الصغائر و الكبائر
الحمد لله نحمده،
ونستعين به ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل
له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً
بربوبيته وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول
الله سيد الخلق و البشر ما اتصلت عين بنظر أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلِ وسلم وبارك
على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وعلى ذريته ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، اللهم
لا علم لنا إلا ما علَّمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علِّمنا ما ينفعنا وانفعنا
بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا
اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة الكرام،
لو جلسنا إلى جماعة من المؤمنين ربما لا تجد فيهم مرتكب كبيرة، ولكن ما الذي أهلك المسلمين ؟ يقول عليه الصلاة
و السلام:
((إن
الشيطان يئس أن يعبد في أرضكم و لكن رضي فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم ))
فالموضوع اليوم يتحدث
عن الصغائر كما يتوهمها الناس، لكنهم إذا أصروا عليها انقلبت إلى كبائر تقطعهم عن الله
عز وجل.
أيها الإخوة الكرام،
بعض الأئمة أنكر أن في الذنوب صغيرة، بل قالوا سائر المعاصي كبائر، و بعضهم قال: معاصي
الله تعالى كلها كبائر، وإنما يقال لبعضها:صغيرة وكبيرة بالإضافة إلى ما هو أكبر منها،
و بعضهم يقول: لا يمكن أن يقال في معصية: إنها صغيرة إلا على معنى أنها تصغر باجتناب
الكبائر، و بعض العلماء يقول: كل شيء عصي الله فيه فهو كبيرة، لكن لا خلاف أن من المعاصي
ما يقدح في العدالة، ومنها ما لا يقدح، لعلهم اصطلحوا على تسمية المعاصي التي تقدح
في العدالة كبائر، و التي لا تقدح صغائر، و لكن القول الفيصل يقول بعض الصحابة الكرام:
((لا
تنظر إلى صغر الذنب، ولكن انظر على من اجترأت ))
الله سبحانه و تعالى
يقول:
﴿وَكَرَّهَ
إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ﴾
[
سورة الحجرات: الآية 7]
فمن خلال هذه الآية
رتبت المعاصي على ثلاثة أصناف: معصية ترقي إلى مستوى الكفر، و معصية ترقى إلى مستوى
الفسوق، و معصية تبقى في حيز المعصية.
أيها الإخوة الكرام،
لعل تقسيم الذنوب إلى كبائر و صغائر من قبل عظم المفسدة، فمن نقل لأعداء المسلمين أخبارهم
ونقاط ضعفهم كان سبباً في إهلاكهم فهذه معصية كبيرة جداً، فإذا كان التقسيم على مستوى
رقعة المفسدة وعمقها وشدتها يمكن أن تقسم الذنوب إلى كبائر و إلى صغائر، لكن العلماء
أحصوا مقاييس تقاس بها الكبائر، من هذه المقاييس أنه ما لحق صاحبها وعيد شديد بنص كتاب
أو سنة فهو كبيرة، إذا ورد في الكتاب أو السنة وعيد شديد على مخالفة أو معصية فهي كبيرة
قولاً واحداً، وفي مقياس آخر أيتو معصية أوجبت حداً فهي كبيرة، و بعد قليل ترون أنه
الأولى أن تجمع المقاييس كلها، فكل معصية ورد في الكتاب و السنة وعيد شديد عليها فهي
كبيرة، و كل معصية أوجبت حداً فهي كبيرة، كل معصية ورد عليها وعيد شديد كالربا، وأكل
مال اليتيم، وعقوق الوالدين، وقطيعة الرحم، والسحر و النميمة، وشهادة الزور، والقوادة، والدياسة وغيرها، و في مقياس ثالث أن
كل ما نص الكتاب على تحريمه أو وجب في جنسه حداً و الكذب في الشهادة و الرواية و اليمين
فهو من الكبائر، و في رأي لبعض العلماء أن الذي يخالف إجماع المسلمين فقد وقع في كبيرة
لأن في الحديث عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
((إِنَّ
أُمَّتِي لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ...))
[
ابن ماجه ]
فحينما يأتينا كتاب
معاصر يفهم القرآن فهماً ما يخطر في بال إنسان من بعثة النبي إلى الآن خالف إجماع المسلمين
في كل عصورهم، وغطى ببعض الآيات كل المعاصي والآثام، فحينما تأتي برأي يخالف إجماع
المسلمين على تتالي عصورهم فهذا كبيرة من أكبر الكبائر.
ومن الكبائر أيضاً
أي كلام أو سلوك يراد منه استهزاء للدين، أو استهزاء لعبادات الدين، أو استهزاء بأحكام
الدين، أو استهزاء بمقدسات الدين، أو استهزاء بالأئمة الذين عملوا بما علموا من كبار
المسلمين، فالاستهزاء بهؤلاء كبيرة
لكن العلماء استدركوا
أن الاستهزاء بأصل الدين هو كفر وليس كبيرة، وبعضهم قال: كل معصية أوجبت حداً أو توجه
إليها وعيد فهي كبيرة. وبعضهم قال: كل ما وجب فيه حد أو ورد فيه وعيد أو جاءت فيه لعنة
فهو كبيرة.
أيها الإخوة الكرام،
أشم من هذه التعاريف أن المعصية ترافقها حالة نفسية إن رافق المعصية خوف من الله شديد
وندم شديد وشعور بالذنب شديد، ثم تبعها استغفار شديد الحالة التي رافقت هذه المخالفة
من شعور بالذنب من ندم على فعله من خوف من عقاب الله من استغفار كثير هذه الحالة النفسية
حينما ترافق معصية تجعلها صغيرة بينما أدنى مخالفة إذا رافقها إصرار عليها واعتداد
بها وافتخار بفعلها وعدم الخوف من عقابها وعدم الاستغفار منها انقلبت هذه المعصية إلى
كبيرة، وهذا الفهم مأخوذ من قوله صلى الله عليه وسلم:
((لا
صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار ))
فالمعصية مهما بدت
لك صغيرة إذا أصررت عليها، ولم تعبأ بها وصغرت بعينك، ولم يعقبها ندم ولا استغفار ولا
خوف انقلبت هذه المعصية الصغيرة إلى كبيرة بنص كلام النبي صلى الله عليه وسلم:
((لا
صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار ))
أيها الإخوة الكرام،
كنت شبهت الصغيرة بأن راكب مركبة حرف المقود درجة واحدة، إذا ثبت هذا الانحراف لابد
من أن يسقط في الوادي، فالثبات على الانحراف مهلك يؤكد هذا قول النبي صلى الله عليه
وسلم:
((إن
الشيطان يأس أن يعبد في أرضكم ولكن رضي فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم))
أيها الإخوة الكرام،
قال بعض العلماء: الصغيرة تنقلب كبيرة بقرينة تضم إليها، وتنقلب الكبيرة صغيرة بقرينة
تنضم إليها، فشعور الإنسان بالندم والخوف والاستغفار والتوبة يجعل المعصية صغيرةً.
عدم المبالاة، استصغار
الذنب، المباهاة به، يجعل الصغيرة كبيرة.
أيها الإخوة الكرام،
وبعضهم يقول: الكبائر كل فعل نص الكتاب على تحريمه بلفظ التحريم كأكل لحم الميتة والخنزير
ومال اليتيم والفرار من الزحف.
أيها الإخوة، الكبائر
لا نجد نصاً جامعاً يحصرها لحكمة كبيرة أرادها الله عز وجل، ذلك أن الله سبحانه وتعالى
أخفى الصلاة الوسطى، وأخفى ليلة القدر، وأخفى ساعة الإجابة، فلو أن هناك نصاً جامعاً
مانعاً يحصر الكبائر لاقتحم الناس الصغائر تهاوناً فانقلبت هذه الصغائر إلى كبائر،
لكن في الأحاديث سبعة وعشرة، وبعضهم عدها سبعين، وابن عباس رفعها إلى سبعمئة.
المعصية إذا رافقها
شعور بالخطأ والذنب والخوف والندم والاستغفار والتوبة انقلبت إلى صغيرة، المعصية التي
تراها صغيرة وتعدها من اللمم ولا تعبأ بها إذا فعلتها مصراً عليها مفتخراً بها مدافعاً
عنها لم يعقبها توبة ولا ندم ولا استغفار انقلبت هذه المعصية إلى كبيرة، وكانت حجاباً
بينك وبين الله، لو أن في بيت عشرات الأجهزة الكهربائية إذا قطعت التيار وأبعدت طرفيه
ميليمتراً واحداً تعطلت كل هذه الأجهزة إذا أبعدته إلى متر بينهما تعطلت، كل هذه الأجهزة
إذاً العبرة أن لا تكون محجوباً عن الله عز وجل لا بصغيرة ولا بكبيرة.
أيها الإخوة الكرام،
لكن هناك من يقول إذا أردت الفرق بين الصغيرة والكبيرة فعرض مفسدة الذنب على مفاسد
الكبائر المنصوص عليها، فإن نقصت عن أقل الكبائر فهي صغيرة، وإلا فهي كبيرة، أما إذا
أصررت عليها فهي كبيرة أيضاً.
مما قيل من شتم الرب،
هؤلاء الذين يسبون الدين، وكأنهم ما فعلوا شيئاً، هذا السباب من أكبر الكبائر، أو استهان
برسول الله أو بأحد رسله، أو استهان بالمصحف، إن هذا من أكبر الكبائر.
أيها الإخوة الكرام،
من دل الكفار على عورة المسلمين، هذا الذي يدل أعداءنا على مواقع المقاتلين على مواقع
المقاومين على بيوتهم على أسمائهم على مركباتهم فيأتي الصاروخ فيقتلهم هذه من أكبر
الكبائر، أن تدل الكفار على عورة المسلمين، مع علمه بأنك حينما تدلهم على عورتهم يستأصلونهم،
ويسبون حريمهم وأطفالهم، ويغنمون أموالهم، فهذه تدرك بالفطرة أنها من أكبر الكبائر.
لو كذبت كذبةً سببت
دمار أسرة، لو كذبت كذبة سببت تشتيت أولاد، سببت طلاق زوجة فهي من أكبر الكبائر، وقذف
محصنة يبطل عمل مئة سنة كما قيل.
أيها الإخوة الكرام،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ:
((
اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ ؟
قَالَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ
إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ
الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ ))
[
البخاري، مسلم، النسائي، أبو داود ]
سبع موبقات ما بال
بعض المسلمين في مجالسهم يتحدثون عن النساء يلقون التهم جزافاً من دون دليل من دون
شاهد يسمرون، ويتسلون بالحديث عن النساء وعن الرجال وعن مشكلات المسلمين بما فيه غيبة
ونميمة وإفك وبهتان.
وفي رواية لهما عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
((
الْكَبَائِرُ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَقَتْلُ النَّفْسِ
وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ ))
[
البخاري، الترمذي، النسائي، أحمد، الدارمي]
كم يمين غموس يحلف
بها في قاعات المحاكم زوراً وبهتاناً ؟ إن هذه اليمين تغمس صاحبها في النار، إن هذه
اليمين لا كفارة لها لأنها تخرج من الملة، وقول الزور أن تشهد شهادة زور تقتطع بها
حق امرئ مسلم هذا من أكبر الكبائر.
عن ابن عباس أنه
سئل كم الكبائر أسبع هي قال:
((
هي إلى سبعمئة أقرب منها إلى سبع غير أنه لا كبيرة مع الاستغفار ))
أيها الإخوة الكرام،
من مفردات الكبائر الشرك والقتل والزنا وأفحشه بحليلة الجار ويضاف إليه المحارم، والفرار
من الزحف، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، والسحر، والاستطالة في عرض
المسلم بغير الحق، نفس الأعراض الغيبة، الكلام الذي يجرح المؤمنين، قالت: إنها قصيرة،
السيدة عائشة رضي الله عنها وصفت ضرتها بأنها قصيرة فقال :
((يا
عائشة لقد قلت كلمةً لو مزجت بمياه البحر لأفسدته ))
كلمة قصيرة فما قولكم
بما فوق القصيرة، والسحر والاستطالة في عرض المسلم، وشهادة الزور، واليمين الغموس،
والنميمة، والسرقة، وشرب الخمر، واستحلال بيت الله الحرام، ونكث الصفقة، أن تعاهد،
ثم تنكث أن تبايع، ثم تقاتل، وترك السنة، والتعرب بعد الهجرة.
لا يوجد مثل معاصر
كهذا المثل ؛ إنسان في بلاد الغرب شعر بتعذيب الضمير أراد أن يخدم أمته، فترك موطنه
هناك الطارئ، وعاد إلى بلاد المسلمين ليبتغي رضوان الله عز وجل، أزعجته بعض الأشياء
فعاد إلى هناك.
هذا التعرب بعد الهجرة،
يعني بعد أن هاجر، وعاهد النبي وجد في القتال مشقة فعاد إلى البادية، وأصبح أعرابياً،
ونقض عهده مع النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا الذي يأتي إلى بلاد المسلمين لينفعهم
ليخدمهم يبتغي رضوان الله، ثم تزعجه بعض الصغائر فيعود إلى ما كان عليه، فهذا من نوع
التعرب بعد الهجرة، واليأس من روح الله، يكفي أن تقول انتهى المسلمون، أعداؤهم أقوياء
جداً، إذا قلت انتهينا يأساً من روح الله فهذا من أكبر الكبائر ما عند الله لا يعلمه
أحد، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله، أن تعتدي على أموال الناس على أعراضهم،
وأنت واثق من نفسك، وأنت واثق من المستقبل: وتقول: لن يصيبني شيء هذا من أكبر الكبائر.
ومنع ابن السبيل
من فضل الماء، وعدم التنزه من البول، وعقوق الوالدين والتسبب في شتمهما، والإضرار في
الوصية، أحد المسلمين يعبد الله ستين عاماً، ثم يضر في الوصية فتجب له النار.
أيها الإخوة الكرام،
هذه الخمس والعشرون جاء فيها أحاديث صحيحة تجعلها من الكبائر، يزاد عليها الغلول من
الغنيمة، الإلحاد بالبيت، سوء الظن بالله هذا أيضاً من الكبائر.
وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((أَلَا
أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ
قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا
فَقَالَ أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ قَالَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ
سَكَتَ))
[البخاري]
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ
قَالَ:
((سَأَلْتُ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ
؟ قَالَ أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ، قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ
قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ ؟ قَالَ: وَأَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ
قُلْتُ:ثُمَّ أَيُّ ؟ قَالَ: أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ ))
[البخاري]
الذي يخاف من إنسان
قوي قابع في طرف الدنيا الآخر لا يخاف إلا منه هذا وقع في أكبر الكبائر، أن تجعل لله
نداً وهو خلقك،
((ثُمَّ
أَيُّ قَالَ وَأَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ))
هذا الذي يئد الفتاة
وهي صغيرة هي تدخل الجنة، لأنها غير مكلفة، أما هذا الذي يطلقها تفعل ما تشاء فتفتن
شباب المسلمين ألم يقتلها حقيقةً ؟ لذلك هذه الفتاة الذي أطلقها أبوها ترتدي ما تشاء،
وتتزين كما تشاء، وتظهر مفاتنها كما تشاء، هذه يوم القيامة سوف تقف وتقول: يا رب لا
أدخل النار حتى أُدخل أبي قبلي،
((
قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ قَالَ أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ ))
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ:
((مِنْ
الْكَبَائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ وَالِدَيْهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهَلْ يَشْتِمُ
الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ ؟ قَالَ: نَعَمْ يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ
وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ))
[مسلم
]
وفي رواية أن هذه
الأخيرة من أكبر الكبائر.
أيها الإخوة الكرام،
قذف المحصنات الغافلات المؤمنات أكل مال اليتيم أكل الربا التولي يوم الزحف اليمين
الغموس العقوق الشرك القتل هذه كلها من الكبائر.
والخمر أيضاً من
أكبر الكبائر، وهي أم الفواحش فمن شرب الخمر ترك الصلاة ووقع على أمه وخالته وعمته،
ومن أكبر الكبائر استطالة المرء في عرض رجل مسلم بغير حق، أن تتجنى على مسلم أن تلصق
به تهمةً، وهو منها بريء هذا من أكبر الكبائر.
من أربى الربا استطالة
في عرض المسلم بغير الحق، وفي حديث آخر رواه البزار أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن
الكبائر فقال:
((الشرك
بالله واليأس من روح الله ))
وقد وقع معظم المسلمين
بهذه الكبيرة.
والأمن من مكر الله
وهذا أكبر الكبائر.
أيها الإخوة الكرام،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ اللَّهُ:
((ثَلَاثَةٌ
أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ وَرَجُلٌ بَاعَ
حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ
يُعْطِ أَجْرَهُ ))[البخاري]
وفي حديث آخر عَنْ
سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((
ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْعَاقُّ
لِوَالِدَيْهِ وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ وَالدَّيُّوثُ وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ
الْجَنَّةَ الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ وَالْمَنَّانُ بِمَا
أَعْطَى )) [النسائي،
أحمد ]
وفي حديث آخر عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: ((لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ صَاحِبُ خَمْسٍ مُدْمِنُ خَمْرٍ وَلَا مُؤْمِنٌ
بِسِحْرٍ...))، آلاف مؤلفة من الأسر الإسلامية تذهب إلى السحرة لتحل مشكلاتهم.
((لَا
يَدْخُلُ الْجَنَّةَ صَاحِبُ خَمْسٍ مُدْمِنُ خَمْرٍ وَلَا مُؤْمِنٌ بِسِحْرٍ، ولَا
قَاطِعُ رَحِمٍ وَلَا كَاهِنٌ وَلَا مَنَّانٌ ))[أحمد، مالك ]
وحينما تذبح لغير
الله، عَن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: مَا كَانَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسِرُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ: فَغَضِبَ وَقَالَ: مَا
كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسِرُّ إِلَيَّ شَيْئًا يَكْتُمُهُ
النَّاسَ، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ حَدَّثَنِي بِكَلِمَاتٍ أَرْبَعٍ قَالَ فَقَالَ: مَا
هُنَّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالَ: قَالَ:
((لَعَنَ
اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَهُ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ وَلَعَنَ
اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ ))[
مسلم، النسائي، أحمد ]
آوى محدثاً أحدث
بدعةً أحدث فتنة آويته.
منار الأرض أي طرقها.
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ يَسَارٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَشْهَدُ لَقَدْ سَمِعْتُ سَالِمًا يَقُولُ
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((ثَلَاثٌ
لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
الْعَاقُّ وَالِدَيْهِ وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ الْمُتَشَبِّهَةُ بِالرِّجَالِ
وَالدَّيُّوثُ وَثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْعَاقُّ
وَالِدَيْهِ وَالْمُدْمِنُ الْخَمْرَ وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى))[أحمد، النسائي
]
ورجلة النساء المرأة
المسترجلة، ترتدي ثياب الرجال، وتتواقح، وتحد النظر إليهم، وتعلق تعليقات لا تليق بأنوثتها،
فهذه المرأة المسترجلة لا تدخل الجنة.
بعض العلماء قال:
الكبائر أربع في القلب الشرك والإصرار على المعصية والقنوط والأمن من مكر الله، أربع
كبائر في القلب، وأربع في اللسان، القذف، وشهادة الزور، والسحر واليمين الغموس، وثلاث
في البطن، أكل مال اليتيم، وأكل الربا، وشرب كل مسكر، واثنتان في الفرج، الزنا واللواط،
واثنتان في اليد، القتل والسرقة، وواحدة في الرجل، الفرار من الزحف.
يا ايها المسلمون حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا
أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا، وسيتخطى غيرنا إلينا، فلنتخذ حذرنا، الكيس من دان
نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني.
و الصلاة و السلام
على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الإخوة الكرام،
موضوع دقيق اهتمامات الإنسان أنت بماذا تهتم ؟ اهتمامات الإنسان مرتبطة بأهدافه في
الحياة، وأهدافه في الحياة مشتقة من تصوراته عن الكون والحياة، والإنسان وهذه التصورات
محصلة اعتقاده، فمن صح اعتقاده صحت تصوراته، وسمت أهدافه، وارتفعت اهتماماته، ومن فسدت
عقيدته فسدت تصوراته، وانحطت أهدافه، وسقطت اهتماماته.
أيها الإخوة
الكرام، الإنسان عقل يدرك، وقلب يحب، وجسم يتحرك لابد للعقل من غذاء وهو العلم، ولا
بد للقلب من غذاء وهو الحب، ولابد للجسد من غذاء، وهو الطعام والشراب، وهذا الجسد كما
في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((الْمُؤْمِنُ
الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ...))
[
مسلم، ابن ماجه، أحمد ]
قوة الجسد جزء من
عبادة الإنسان، لأن الجسد وعاء عملك، وهو ملك أسرتك، وملك أمتك، فالعناية بالجسد ضرورة
وعبادة، وجزء من الدين بل بعضهم يقول: في حياة الإنسان ثلاث كليات ؛ علاقته بربه، وعمله،
وصحته، أي خلل في أحد هذه الثلاث ينعكس على الاثنتين، فمن اختلت صحته انعكس هذا على
عمله، فإذا كان ضعيف الإيمان انعكس هذا على علاقته بربه، وإن اختل عمله انعكس هذا على
صحته وعلى علاقته بربه، وإن اختلت علاقته بربه انعكس هذا على صحته وعلى عمله، فلا بد
من أن نعتني بصحتنا، أما أن تغدو الرياضة ديناً فهذا شيء غير مقبول، أذكر أنني سمعت
شريطاً لخطيب من خطباء مصر وجد رواد المسجد قلة، فسأل: ما السبب ؟ فقالوا: إن القاهرة
كلها زحفت لتشهد مباراةً رياضية فيها اعتزال بطل اسمه زيزو، اعتزل اللعب، هو تساءل
هذا الخطيب ماذا فعل هذا الإنسان ؟ استجمع أهداف الأمة لعله، وحد المسلمين، لعله وحد
العرب، لعله استرجع القدس، لعله استرد فلسطين من الصهاينة، لعله نهض بالأمة نهضةً اقتصادية،
وفرت لكل شاب عملاً، ذكر أهدافاً كبيرة من أهداف الأمة، ثم علم أن هذا رياضي اعتزل
اللعب، عندئذ توجه بالدعاء إلى الله قال: اللهم اجعلنا في بركات زيزو، اللهم احشرنا
مع زيزو، اللهم أدخلنا في شفاعة زيزو.
أما أن تغدو الرياضة
ديناً هذا انحراف خطير في حياة المسلمين، لا أقول من فراغ، أنقل لكم من موقع معلوماتي
قولاً لشاب وفتاة، يقول الشاب: إنني أعترف أنني أعشق كرة القدم أكثر من أي شيء آخر
في هذا الوجود.
ذكرني هذا بحديث
((
حتى يكون الله ورسوله أحب إليك من نفسك ومالك وولدك والناس أجمعين ))
فهذا الكرة عنده
أحب إليه من نفسه ومن ماله ومن ولده والناس أجمعين.
قال: أنا أحب راؤول
وزيدان والطيلاني ومالديني أكثر من أمي وأبي وإخوتي وأصدقائي أفضل مشاهدة مباراة في
كرة القدم على أي شيء آخر في الحياة، أقتطع بعض كلماته.
فتاة تقول: إن كل
فتاة تحلم بالزواج من شاب وسيم أنيق ذو منصب هام وشخصية قوية، أما أنا فأتمنى الزواج
من لاعب كرة محترف، وأن يعقد عقد قراننا في ملعب كرة قدم، وأن يكون الكأس مهري، ثم
أحلم أن ألعب، وإياه كرة القدم وطفلانا الصغيران يصفقان لنا.
ويقول بعضهم: أتمنى
أن تجري في عروق دمي كرات الملاعب، بدل كرات الحمراء والبيضاء، هذا كلام يؤكده ما نشاهده
الآن من اهتمام منقطع النظر.
أيها الإخوة، أن
تغدو هذه اللعبة ديناً، أن ننسى به طاعة ربنا، أن ننسى به واجباتنا، أن يصبح الفوز
فيها أعظم نجاح في الأرض، الأمة العربية والإسلامية أمامها أهداف لا تعد ولا تحصى،
فهل يكفي أن تدخل هذه الكرة في هذا المكان حتى نحقق أهدافنا، هناك رئيس دولة استخفه
الطرب بالفوز فرقص، سمعتم هذا، أن تغدو هذه اللعبة ديناً هذه مشكلة كبيرة.
أنا أقول: العناية
بالجسم ضرورة وفريضة، إنه وعاء عملك، أما دينك محبة الله ورسوله دينك فينبغي أن يكون
المبادرة إلى طاعته، لذلك قل لي بماذا تهتم أقل لك من أنت.
ينبغي أن تهتم بمعرفة
ربك، أن تهتم بطاعة هذا الإله العظيم، أن تهتم بعمل يدخلك الجنة، أما في الدنيا فأن
تهتم بحمل هموم الأمة، أن تهتم برفع المعاناة عنها، أن تخفف من متاعبها، أن تقوي أفرادها،
مليون هدف سام، إذا سعيت إليه تحقق آمالك، ويرضى عنك إلهك، أما إذا اهتممت بكرة تدخل
من مكان إلى آخر ماذا حققنا ؟
والله
سمعت خبراً قبل يومين أن عصابة في بعض الدول من المشجعين حينما خسر فريقهم أحرقت المحلات،
وأحرقت السيارات، واضطرت الدولة أن تفرز لهم ألف ضابط وشرطي لكبح جماحهم، أهذه هي الرياضة
؟
أيها الإخوة الكرام،
إن الله يحب معالي الأمور، ويكره سفسافها ودنيها، يحب معالي الأمور، مادامت الرياضة
من أجل تقوية أجسامنا فشيء جيد، أما أن تكشف فيها العورات شيء مخالف للكتاب والسنة
مادامت الرياضة تسمو كما يقولون بمشاعرنا لا بأس، أما حينما تجعل من الخاسر مجرماً
ما هذه الرياضة.
أيها الإخوة الكرام،
أرجو الله سبحانه أن نكون كما قال e
في هذا الحديث، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((مَثَلُ
أُمَّتِي مَثَلُ الْمَطَرِ لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ ))
[
الترمذي، أحمد ]
والخير في وفي أمتي
إلى يوم القيامة.
اللهم اهدنا فيمن
هديت، و عافنا فيمن عافيت، و تولنا فيمن توليت، و بارك اللهم لنا فيما أعطيت، و قنا
و اصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق و لا يقضى عليك، و إنه لا يذل من واليت و لا
يعز من عاديت، تباركت ربنا و تعاليت، و لك الحمد على ما قضيت، نستغفرك و نتوب إليك،
اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك، اللهم أعطنا و لا تحرمنا، أكرمنا و لا تهنا،
آثرنا و لا تؤثر علينا، أرضنا و ارض عنا، أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، و أصلح
لنا دنيانا التي فيها معاشنا، و أصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، و اجعل الحياة زاداً
لنا من كل خير، و اجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك
عن حرامك، و بطاعتك عن معصيتك، و بفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك، و لا تهتك عنا
سترك، و لا تنسنا ذكرك يا رب العالمين، اللهم بفضلك و رحمتك أعل كلمة الحق و الدين،
و انصر الإسلام، وأعز المسلمين، وأذل الشرك و المشركين، خذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى،
إنك على ما تشاء قدير، و بالإجابة جدير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق