السبت، 23 مارس 2013

خطبه الجمعه مكتوبه بعنوان التوبه تمحو ما قبلها





الْحَمْدُ للهِ الغَفُورِ التَّوَّابِ، يَقْبَلُ التَّوبَةَ مِمَّنْ تَابَ إِلَيْهِ وَأَنَابَ، أَحْمَدُهُ تَعَالَى بِمَا هُوَ لَهُ أَهلٌ مِنَ الحَمْدِ وَأُثْنِي عَلَيْهِ، وَأَستَغْفِرُهُ مِنْ جَمِيعِ الذُّنُوبِ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، دَعَا عِبَادَهُ إِلَى الإِنَابَةِ إِلَيْهِ وَالمَتَابِ، وَوَعَدَهُمْ عَلَى ذَلِكَ رِضْوَانَهُ وَحُسْنَ مَآبٍ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، كَانَ يَتُوبُ إِلَى اللهِ تَعَالَى وَيَستَغْفِرُهُ بِلا عَدٍّ وَلا حِسَابٍ، صلى الله عليه و سلم وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَعَلَى كُلِّ مَنِ اتَّبَعَهُ وَسَارَ عَلَى نَهْجِهِ وَدَعَا بِدَعْوَتِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ:
اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَتُوبُوا إِلَيْهِ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ، وَاعلَمُوا أَنَّ اللهَ تَعَالَى خَلَقَ الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ، وَابتِلاءً مِنْهُ سُبْحَانَهُ لِلإِنْسَانِ جَعَلَهُ غَيْرَ كَامِلٍ وَلا مَعْصُومٍ، فَالكَمَالُ للهِ تَعَالَى وَحْدَهُ، وَلِذَا فَقَدْ يُخْطِئُ وَيَزِلُّ ابْنُ آدَمَ، كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ ص : ((كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ)) رواه الترمذي و احمد في مسنده، وَالمُؤْمِنُ الحَقُّ هُوَ الَّذِي لا يَستَمِرُّ عَلَى الخَطَأِ بَعْدَ الوُقُوعِ فِيهِ، فَلِذَا يُبَادِرُ إِلَى طَلَبِ العَفْوِ مِنْ رَبِّهِ جَلَّ جَلالُهُ، وَالتَّوبَةُ - يَا عِبَادَ اللهِ - وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسلِمٍ لِقَولِ اللهِ تَعَالَى: ] وتوبوا إلى الله جميعاً أيه المؤمنون لعلكم تفلحون[()، وَوُجُوبُهَا لِثَلاثَةِ أُمُورٍِ؛ فَالأَمْرُ الأَوَّلُ: لأَجْـلِ اتِّقَاءِ عُقُوبَةِ اللهِ تَعَالَى، يَقُولُ سُبْحَانَهُ: ]ومن يعص الله و رسولهُ و يتعد حدودهُ يدخله ناراً خالداً فيها ولهُ عذابٌ مُهِين[()، وَالأَمْرُ الثَّانِي: لأَجْـلِ قَبُولِ العَمَلِ؛ فَإِنَّ الذَّنْبَ مَانِعٌ مِنْ قَبُولِ الأَعْمَالِ والدعاء، يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ]إنما يتقبل اللهُ من المتقين[()، و عن ابي هريره رضي الله عنه قال قال رسول الله ص يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا و إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى ( يأيها الرسل كلوا من الطيبات و اعملوا صالحاً إني بما تعملون عليم) و قال تعالى ( ياأيها الذين آمنوا طيبات ما رزقناكم) قال و ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يده إلى السماء يا رب يا رب و مطعمه حرام و مشربه حرام و ملبسه حرام و غذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك رواه احمد و الدارامي  و الترمذي و قال حديث حسن وَالأَمْرُ الثَّالِثُ: مِنْ أَجْـلِ التَّوفِيقِ لإِتْيَانِ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، فَإِنَّ الذُّنُوبَ تَحُولُ بَيْنَ العَبْدِ وَالعَمَلِ الصَّالِحِ، فَيُفَوِّتُ عَلَى نَفْسِهِ بِسَبَبِ ذَنْبِهِ كَثِيرًا مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ.
أَيُّهَا المُسلِمُونَ:
لَوْ نَظَرَ المُخْطِئُ إِلَى مَقَامِ مَنْ أَخْطَأَ فِي حَقِّهِ ((نعني الله تبارك و تعالى)) مَا استَحقَرَ ذَنْبَهُ و استصغرها، وَمَا هَانَتْ عَلَيْهِ مَعْصِيَتُهُ، وَلَوْ وجدَ فِي قَلْبِهِ الخَوْفُ مِنَ اللهِ تَعَالَى مَا تَجَرَّأَ عَلَى التَّبَجُّحِ بِمَعْصِيَةٍ، وَلَكِنَّهَا النَّفْسُ البَشَرِيَّةُ الأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ، وَمَا أَحَسَنَ مَا قِيلَ: ((لا تَنْظُرْ في المَعْصِيَةِ وَلَكِنِ انْظُرْ في عِظَمِ مَنْ عَصَيْتَ))، وَاستِشْعَارُ عِظَمِ مَقَامِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يُوجِبُ عَلَى التَّائِبِ أَلاَّ يُسَوِّفَ تَوْبَتَهُ وَإِنَابَتَهُ، فَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ: ]والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم و من يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون[()، وَتَأْجِيلُ التَّوبَةِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ، إِذْ يُؤَمِّـلُ المُخْطِئَ بِسَعَةِ الزَّمَانِ، وَأَنَّ الوَقْتَ مَا زَالَ أَمَامَهُ، وَرُبَّمَا مَلأَ قَلْبَهُ بِاليَأْسِ وَالإِحْبَاطِ، وَأَنَّهُ مِمَّنْ لا يُتَقَبَّـلُ مِنْهُ عَمَلٌ، وَلا يُرفَعُ لَهُ دُعَاءٌ، وَلا يُسْمَعُ لَهُ نِدَاءٌ، وَلِذَا يُخَاطِبُ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ بِقَوْلِهِ: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم[()، فَأَيُّمَا عَبْدٍ تَابَ ثُمَّ نَقَضَ تَوْبَتَهُ وَعَادَ إِلَى الذَّنْبِ فَلْيَعُدْ إِلَى التَّوبَةِ مُبَادِرًا، وَلا تَيْأَسْ  - أَخِي المُسلِمَ - وَلا تَقْنَطْ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ، وَإِيَّاكَ أَنْ يَمنَعَـكَ الشَّيطَانُ مِنَ التَّوبَةِ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَلْتَتَذَكَّرْ قَولَ اللهِ تَعَالَى: ]ومن يعمل سوءا او يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما[().
عِبَادَ اللهِ:
إِنَّ عَلَى التَّائِبِ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُحَقِّقَ تَوْبَتَهُ وَإِنَابَتَهُ بِاستِغْفَارٍ نَابِعٍ مِنْ قَلْبِهِ، يُشَارِكُ اللِّسَانَ فِيهِ سَائِرُ جَوَارِحِهِ، كَأَنْ يَقُولَ:" اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمنِي، إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ"، وَوَرَدَ فِي الحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ ρ أَنَّهُ قَالَ: ((مَا مِنْ عَبْدٍ مُسلِمٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ، فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَستَغْفِرُ اللهَ لِذَلِكَ الذَّنْبِ، إِلاَّ غَفَرَ اللهُ لَهُ)) رواه احمد في مسنده و قال صحيح الاسناد، ثُمَّ إِنَّ عَلَى التَّائِبِ أَنْ يَنْدَمَ نَدَمًا يَجْعَلُ القَلْبَ مُنْكَسِرًا، وَالفُؤَادَ مُتَحَسِّرًا، عَلَى وَقْتٍ عَزِيزٍ كَانَ مِنَ الوَاجِبِ أَنْ يُصْرَفَ فِي عَمَلٍ صَالِحٍ يُرْضِي اللهَ، فَلْيَعْزِمْ عَزْمًا أَكِيدًا عَلَى أَلاَّ يَعُودَ إِلَى الذَّنْبِ الَّذِي أَوقَعَهُ فِي هَذِهِ الخَسَارَةِ، وَلْيُؤَنِّبْ نَفْسَهُ عَلَى التَّفْرِيطِ وَالإِضَاعَةِ، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِذَنْبِهِ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ اللهِ تَعَالَى فَلْيَنْظُرْ فِيمَا يَلْزَمُهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ مِنْ قَضَاءٍ أَوْ تَكْفِيرٍ، وَلْيُعِدِ الحُقُوقَ إِلَى أَصْحَابِهَا إِنْ كَانَ ذَنْبُهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ حُقُوقِ العِبَادِ، وَإِنَّ مِنْ تَمَامِ التَّوبَةِ أَنْ يَأْتِيَ المُسلِمُ مِنَ الحَسَنَاتِ مَا يَمْحُو سَيِّـئَتَهُ الَّتِي قَارَفَهَا، فَقَدْ قَالَ المَولَى جَلَّ وَعَلا: ] و أقم الصلاه طرفيِ النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكري للذاكرين[()، ، وَفِي وَصِيَّةِ نَبِيِّنَا ص لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: ((اتَّقِ اللهَ حَيثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّـئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ)).
أَيُّهَا المُسلِمُونَ:
اعلَمُوا أَنَّ مَنْ تَابَ إِلَى اللهِ تَابَ اللهُ عَلَيْهِ، فَبَادِرُوا إِلى التَّوْبَةِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهَنِيئًا لِمَنْ أَحْسَنَ التَّوبَةَ وَالإِنَابَةَ، ] يا أيها الذين امنوا توبوا إالى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يرحمكم أن يكفر عنكم سيئاتكم و يدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزى اللهُ النبي و الذين أمنوا معه, نورهم يسعى بين أيديهم و بأيمانهم يقولون ربنآ اتمم لنا نورنا و أغفر لنا, إنك على كل شيئ قدير [(). وقال الشاعر:
أنا العبد الذي كسب الذنوب.. وصدته الأماني أن يتوبا
أنا العبد الذي أضحي حزينا ... .علي زلاته قلقا كئيبا
أنا العبد المسيئ عصيت سرا..فمالي الآن لا أبدي النحيبا
أنا العبد المفرط ضاع عمري.. فلم أرعي الشبيبة والمشيبا
أنا العبد الغريق بلج بحر . . أصيح لربما ألقي مجيبا

أنا العبد السقيم من الخطايا.. وقد أقبلت ألتمس الطبيبا
أنا العبد الشريد ظلمت نفسي.. وقد وافيت بابكم منيبا
أنا العبد الفقير مددت كفي.. إليكم فادفعوا عني الخطوبا
أنا الغدار كم عاهدت عهدا..وكنت على الوفاءِ به كذوبا

أنا المقطوع فارحمني وصلني ..ويسر لي منك فرجا قريبا
أنا المضطر أرجو منك عفوا ..ومن يرجو رضاك فلن يخيبا
فيا أسفي علي عمر تقضى. .ولم أكسب به إلا الذنوبا
و يا حزناه من حشري ونشري. .بيوم يجعل الولدان شيبا

تفطرت السماء به و مارت. .و أصبحت الجبال به كثيبا
و يا خجلاه من قبح اكتسابي..إذا ما أبدت الصحف العيوبا
و ذلة موقف وحساب عدل . . أكون به على نفسي حسيبا

و يا حذراه من نار تلظي . . إذا زفرت و أقلقت القلوبا
تكاد إذا تنشق غيظا . . على من كان ظلاًما مريبا
فيا من مد في كسب الخطايا .. أما آن الأوان لأن تتوبا


أقولُ قَوْلي هَذَا   وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ   لي وَلَكُمْ،   فَاسْتغْفِرُوهُ   يَغْفِرْ لَكُمْ    إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ،  

*** *** ***
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، فَتَحَ بَابَ تَوْبَتِهِ لِلتَّائِبِينَ، وَأَسْبَلَ سِتْرَهُ عَلَى العَاصِينَ، وَنَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِينَ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ إِمَامُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، وَأَفْضَلُ المُخْبِتِينَ التَّائِبِينَ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ:
إِنَّ عَلَى العَبْدِ المُؤْمِنِ أَنْ يَقِفَ أَمَامَ إِغْرَاءَاتِ الشَّيْطَانِ وَتَسْوِيلاتِهِ مَوقِفَ المُمَانِعِ الرَّافِضِ، وَمَا يُؤْتَى الإِنْسَانُ مِنْ مَأْتًى أَضْعَفَ مِنْ شَهْوَتِهِ، فَلْيَحْرِصْ عَلَى إِغْنَائِهَا بِالحَلالِ، فَفِيمَا أَغْنَى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عِبَادَهُ بِالحَلالِ سَعَةٌ عَمَّا حَرَّمَ، وَشَأْنُ المُسلِمِ إِذَا أَخْطَأَ أَلاَّ يَتَمَادَى فِي خَطَئِهِ، بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يُبَادِرَ إِلَى مَحْوِ سَيِّئَتِهِ بِالتَّوْبَةِ وَالإِنَابَةِ إِلَى رَبِّهِ، هَكَذَا يَكُونُ حَالُهُ إِذَا مَا أَوقَعَتْهُ نَفْسُهُ الأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ فِي المَعْصِيَةِ، فَلْيَدفَعْ سَيِّئَتَهُ بِتَوْبَةٍ صَادِقَةٍ، وَلْيَأْتِ مِنَ الحَسَنَاتِ مَا يَرَى أَنَّهُ مُكَفِّرٌ لِخَطِيئَتِهِ، وَمَاحٍ لِسَيِّئَتِهِ، فَمَنْ كَانَ فِيهِ مُسْكَةٌ مِنْ عَقْلٍ فَلْيَحْرِصْ عَلَى التَّوْبَةِ وَالاستِغْفَارِ، وَلَوْ تَكَرَّرَ مِنْهُ وُقُوعُ الخَطَايَا وَالسَّيِّـئَاتِ؛ عَسَى المَولَى تَعَالَى أَنْ يَتَقَبَّـلَهُ بِقَبُولٍ حَسَنٍ.

أَيُّها المُؤمِنُونَ:
إِنَّ مِنْ أَدَبِ التَّائِبِ مَعَ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى - وَقَدْ لَطَفَ بِهِ فَأَسْبَلَ عَلَيْهِ سِتْرَهُ - أَلاَّ يَهتِكَ ذَلِكَ السِّـتْرَ الَّذِي أَسْبَلَهُ عَلَيْهِ المَولَى عَزَّ وَجَلَّ، فَيُصْبِحَ يُحَدِّثُ أَصْحَابَهُ بِمَا قَارَفَهُ مِنَ المُوبِقَاتِ كَأَنَّمَا هُوَ آمِنٌ مِنْ وُقُوعِ العُقُوبَةِ عَلَيْهِ، بِحَسْبِهِ مِنَ الشَّرِّ وُقُوعُهُ فِي المَعْصِيَةِ؛ فَمَا بَالُهُ يُبْدِي صَفْحَتَهُ لِلنَّاسِ؟! وَفِي الحَدِيثِ عن عبدالله بن عمر عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: ((اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها ، فمن ألّمَ بشيءٍ منها فليستتر بستر الله ، و لِيتُب إلى الله ، فإِنه من يُبدِ لنا صَفحتهْ ، نُقِم عليه كتاب الله)) اخرجه الالباني في صحيح الجامع قال حكمه حديث صحيح، أَيْ: لِتَكُنْ تَوْبَتُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ، لا يُحَدِّثْ أَحَدًا بِمَا وَقَعَ مِنْهُ، وَهَكَذَا مَنْ عَلِمَ أَنَّ أَخَاهُ وَاقَعَ شَيْـئًا مِنَ الخَطَايَا، فَلْيَسْـتُرْ مَا بَلَغَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَلا يَكُنْ عَوْنًا لِلشَّيْطَانِ عَلَى أَخِيهِ، بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ بِنُصْحِهِ فِي السِّرِّ مَعَ كَتْمِ خَبَرِهِ عَنِ الإِشَاعَةِ، وَعَدَمِ فَضْحِ سِرِّهِ أَمَامَ الآخَرِينَ، فَقَدْ وَرَدَ فِي الحَدِيثِ النَّبَوِيِّ الشَّرِيفِ: ((مَنْ سَتَرَ مُسلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ)) و عن ابي هريرة انه قال قال رسول الله ص ((كل أمتي معافى إلا المجاهرين ، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ، ثم يصبح وقد ستره الله ، فيقول : يا فلان ، عملت البارحة كذا وكذا ، وقد بات يستره ربه ، ويصبح يكشف ستر الله عنه)) رواه البخاري و مسلم.
فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ -، وَالزَمُوا التَّوْبَةَ وَالاستِغْفَارَ، وَأَنِيبُوا إِلَى العَزِيزِ الغَفَّارِ؛ تَجِدُوهُ خَيْرَ غَافِرٍ وَسَاتِرٍ، قال تعالى] وهو الذي يقبل التوبه عن عباده ويعفوا عن السيئات و يعلم ما تفعلون, و يستجيب الذين امنوا و عملوا الصالحاتِ ويزيدهم من فضله, و الكافرون لهم عذابٌ شديد [().
و اختم حديثي بقول الشاعر حيث قال:

إذا ما قال لي ربي أما استحييت تعصيني ..؟
وتُـخفي الذنبَ عن خلقيَ وبالعصيانِ تأتيني
فكيف أجيبُ يا ويحي ومن ذا سوف يحميني

أسُلي النفس بالآمالِ من حينٍ الى حيني ..
وأنسى ما وراءُ الموت ماذا بعد تكفيني

كأني قد ضّمنتُ العيش ليس الموت يأتيني
وجائت سكرة الموتُ الشديدة من سيحميني؟؟
نظرتُ الى الوُجوهِ أليـس منُهم من سيفدينـــي؟
سأُسأل ما الذي قدمت في دنياي ينجيني
فكيف إجابتي من بعد ما فرطت في ديني
ويا ويحي ألــــم أسمع كلام الله يدعوني؟؟
ألــــم أسمع لما قد جاء في قاف ويسِ
ألـــم أسمع بيوم الحشر يوم الجمع و الديني

ألـــم أسمع مُنادي الموت يدعوني يناديني
فيا ربــــاه عبدُ تــائبُ من ذا سيؤويني ؟
سوى رب غفور واسعُ للحقِ يهديني
أتيتُ إليكَ فارحمني وثقــّـل في موازيني
وخفَفَ في جزائي أنتَ أرجـى من يجازيني


هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزّ من قَائِل: (ان الله و ملائكته يصلون على النبي , يأيها الذين امنوا صلوا و سلموا عليه تسليما( ().
اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وسَلّمْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعًا مَرْحُوْمًا، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقًا مَعْصُوْمًا، وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْمًا.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَانًا صَادِقًا ذَاكِرًا، وَقَلْبًا خَاشِعًا مُنِيْبًا، وَعَمَلاً صَالِحًا زَاكِيًا، وَعِلْمًا نَافِعًا رَافِعًا، وَإِيْمَانًا رَاسِخًا ثَابِتًا، وَيَقِيْنًا صَادِقًا خَالِصًا، وَرِزْقًا حَلاَلاً طَيِّبًا وَاسِعًا، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجْمِعْ كَلِمَتَهُمْ عَلَى الحَقِّ، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظَّالِمِينَ، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعِبادِكَ أَجْمَعِينَ.
اللَّهُمَّ رَبَّنَا اسْقِنَا مِنْ فَيْضِكَ الْمِدْرَارِ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الذَّاكِرِيْنَ لَكَ في اللَيْلِ وَالنَّهَارِ، الْمُسْتَغْفِرِيْنَ لَكَ بِالْعَشِيِّ وَالأَسْحَارِ.
اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاء وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا في ثِمَارِنَا وَزُرُوْعِنَا وكُلِّ أَرزَاقِنَا يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ.
رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ.
عِبَادَ اللهِ :
)إن الله يأمر بالعدل و لاإحسان إيتائِ ذي القربى و ينهى عن الفحشاء والمنكر و البغي يعظكم لعلكم تذكرون (.   و اقم الصلاة



هناك تعليق واحد:

  1. cobalt vs titanium drill bits - Vitanium Art | TITanium Art
    cobalt vs titanium drill bits – titanium jewelry piercing ford focus titanium ecm titanium #tiktack.com › tiktack_blog › tiktack_blog See Tiktack's complete collection of tools & resources to help you get titanium tv apk started.

    ردحذف