خطبه الجمعه بعنوان حسن و سوء الخاتمه:
نسأل الله حسن الختام
الحمد لله ربّ العالمين ، جعل أعمارنا معدودة ، وجعل حياتنا محدودة ، فقال سبحانه
( كلّ نفس ذائقة الموت ، وإنّما توفون أجوركم يوم القيامة ، فمن زحزح عن النار وأدخل
الجنّة فقد فاز ، وما الحياة الدنيا إلاّ متاع الغرور ) ، فأحسنوا يا عباد الله استغلال
أيامكم وشهوركم وسنوات أعماركم، فثابروا إلى طاعة الله ، واجتهدوا في عبادته ، واحذروا
من معصيته ومخالفة أمره ، "فالعمر بآخره ، والعمل بخاتمته " ألا ترون أنّ من أفطر قبل غروب الشمس ضاع صومه ؟ ومن انتقض
وضوءه قبل السلام من صلاته بطلت صلاته؟ فكذلك من أساء في آخر حياته ، لقي ربه على ذلك
الحال .نشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، يحيي ويميت ، وهو حيّ لا يموت ،
أمرنا أن نستقيم على شرعه ، ونحتكم إليه ما دامت أرواحنا في أجسادنا ، فقال عز وجلّ
( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين )، ونشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدا عبد الله ونبيه ورسوله،قال
وهو الصادق المصدوق ( لا عليكم أن تعجبوا بأحد حتى تنظروا بما يختم له ، فإنّ العامل
يعمل زمانا من عمره ، أو برهة من دهره بعمل صالح لو مات عليه دخل الجنّة، ثمّ يتحول
فيعمل عملا سيئا ، وإنّ العبد ليعمل البرهة من دهره بعمل سيّء لو مات عليه دخل النار
، ثمّ يتحول فيعمل عملا صالحا ، وإذا أراد الله بعبد خيرا استعمله قبل موته ، قالوا : يا رسول الله ، وكيف يستعمله
؟ قال : يوفقّه لعمل صالح قبل موته ثمّ يقبضه عليه )،
نشهد ان محمداً عبدك و رسولك ، صلّوا
عليه وآله .اللهمّ صلّ وسلم وبارك عليه ، وعلى
آله ، وارض اللهمّ عن خلفائه الراشدين ، وعن
الصحابة والتابعين
أمّا بعد :
عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم
وفي يده كتابان فقال أتدرون ما هذان الكتابان فقلنا لا يا رسول الله إلا أن تخبرنا
فقال للذي في يمينه هذا الكتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم
ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيه ولا ينقص منه أبدًا ثم قال للذي في شماله هذا كتاب
من رب العالمين فيه أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم ثم أجمل على آخرهم فلا
يزاد فيه ولا ينقص منه أبدًا فقال أصحابه ففيم العمل يا رسول الله إن كان أمرا قد فرغ
منه فقال سددوا وقاربوا فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة وإن عمل أي عمل وإن
صاحب النار يختم له بعمل أهل النار وإن عمل أي عمل ثم قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم بيديه فنبذهما ثم قال فرغ ربكم من العباد فريق في الجنة وفريق في السعير
نعوذ بك ربي ان ان نكون من فريق السعير
قال أنس بن مالك : ألا أحدثكم بيومين وليلتين لم تسمع الخلائق بمثلهن.
أول يوم يجيئك البشير من الله، إما برضاه وإما بسخطه.
واليوم الثاني يوم تعرض فيه على ربك أخذاً كتابك إما بيمينك وإما بشمالك.
وأول ليلة: ليلة تبيت فيها بالقبر.
والليلة الثانية: ليلةٌ صبيحتُها يوم القيامة.
شاب يبكي بحزن شديد ، قال : إنّ أباه كان يحتضر على فراش الموت ، وكلّما لقنّه
لا إله إلا الله ، كان يشتم الذات الإلهية ، ويسبّ الدين ، ومات وهو على هذه الحال
، هذا الرجل هلك ومات ، وهو معرض عن ربه ، ربما مقيم على مساخط الله ،
وربما كان مضيعا لما أوجب الله عليه ،وتلك هي ميتة وخاتمة السوء، اللهمّ إنا نسألك
حسن الخاتمة ، ونعوذ بك من ميتة السوء .
عن عبد الله بن احمد المؤذن رحمه الله قال: كنت أطوف حول الكعبة و إذا برجل
متعلق بأستارها و هو يقول: اللهم أخرجني من الدنيامسلما لا يزيد على ذلك شيئا فقلت
له: إلا تزيد على هذا من الدعاء شيئافقال: لو علمت قصتي - فقلت له: و ما قصتك قال:
كان لي أخوان و كان الأكبر منهما مؤذنا أذن سنين عديده احتسابا فلما حضره الموت دعاب
المصحف فظننا انه يريد التبرك به فأخذه بيده و اشهد على نفسه انه برئ مما فيه فمات
من فوره فلما دفناه أذن أخي الآخر سنين عديده فلما حضرته الوفاة فعل كأخيه الأكبر
_نعوذ بالله من خاتمه السوء_ فانا أدعو الله إن يحفظ علي ديني قلت: فما كان ذنبهما
قال: كانا يتتبعان عورات النساء
اللهم تب علينا وعلى المسلمين من ذلك يارب العالمين
وتعالوا بنا إلى هذا الذي كان يدمن الفاحشة النظر إلى المحرمات وتتبع الشهوات
أعاذنا الله وإياكم منها
هذا شاب كان قد أطلق نظرة في النظر إلى المحرمات وتتبع الشهوات ، فنظر يوما
إلى شاب حسن جميل فتعلق قلبه به وأراده في فعل المنكر والفاحشة فأبى عليه ..
فلم يزل يتعشقه ويشتاق إليه حتى مرض وانطرح على فراشه فذهب بعض الناس إلى الشاب
الصغير وكان اسمه أسلم جاءوا إليه وقالوا: يا أسلم إن الرجل قد أوشك على الهلاك فلعلك
إن تأتي إليه في بيته وتكلمه ولو كلمة واحدة فلما جاء أسلم وكاد أن يدخل عليه سبقوه
إلى هذا المريض وقالوا له قد جاءك أسلم ..
ففرح وقعد وطلب طعاما وشرابا وعادت إليه بعض صحته .. فلما كاد أسلم أن يدخل
عليه بكى وقال: والله لا أجعل نفسي في موضع تهمة ولا أجعل الناس يتكلمون في عرضي
..
ثم غادر الباب وذهب إلى منزله ..
فدخلوا عليه وقالوا : أن أسلم قد كاد إن يدخل عليك لكنه خاف من ربه وخشي الفضيحة
وذهب إلى منزله ..
فصاح المريض بأعلى صوته وقال: يــــا أسلم ..
فما رد عليه فأعادها وقال : يـــــــا أسلم فما رد عليه ..
فجمع ما كان من جسده من قوى وصاح وقال
( يا أسلم يا راحة العليل .. ويا شفاء المدن في
النحيل)
( حبك أشهى إلى فؤادي... من رحمة الخالق الجليل
)
ثم مات أعاذنا الله من ذلك !!
سبحان الله تعلق قلبه باسلم فاشتهى لقاء اسلم و من علق
قلبه بالله اشتهى لقاء الله.
عن معاوية رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول : ( إنّما الأعمال كالوعاء إذا طاب أعلاه طاب أسفله ، وإذا خبث أعلاه خبث أسفله
).
عباد الله ان الخوف من سوء الخاتمه طال الصحابه المبشرين
بالجنه و الصالحين من الناس
فإن آخر ساعة في حياة الإنسان هي الملخص لما كانت عليه حياته
كلها. فمن كان مقيماً على طاعة الله عز وجل بدا ذلك عليه في آخر حياته ذكراً وتسبيحاً
وتهليلاً وعبادة وشهادة.
قال ابن كثير رحمه الله: (إن الذنوب والمعاصي والشهوات تخذل
صاحبها عند الموت).
يقول ابن القيم رحمه الله: وسوء الخاتمة لا تكون لمن استقام
ظاهره وصلح باطنه.
إنما تكون لمن له فساد في العقيدة، أو إصرار على الكبيرة ، أو إقدام على العظائم
، فربما غلب ذلك عليه حتى ينزل عليه الموت قبل التوبة، فيأخذه قبل إصلاح الطوية ويصطدم
قبل الإنابة والعياذ بالله.
فهلموا ننظر كيف كانت ساعة الاحتضار على سلفنا الصالح الذين عاشوا على طاعة
الله وماتوا على ذكر الله، يأملون في فضل الله ويرجون رحمة الله، مع ما كانوا عليه
من الخير والصلاح.
عبدالله ابن مسعود عند الممات يزوره عثمان ابن عفان فقال له ماذا تشتكي قال
اشتكي ذنوبي قال ما تشتهي قال اشتهي رحمه الله
وهذه ابنه الحسن بن زيد رحمها الله و هي في فراش الموت صائمه فقالو لها اشربي
شراباً فقالت لهم و هي تحتضر و عجباه 30 عاماً اسال الله ان القاه و انا صائمه
اافطر الان فاخذت تقراْ القران حتى وصلت لقوله تعالى ( قل لمن مافي السموات و
الارض قل لله كتب على نفسه الرحمه) فقبضت روحها
عبدالله ابن المبارك ذلك الرجل الصالح الخاشع البكاء رؤيا في رءيا بعد
وفاته فساله الرجل ماذا فعل الله بك قال غفر لي ربي مغفره وسعت السموات و الارض
فساله فماذا فعل ربك بسفيان الثوري قال: بخ بخ قال ماذا تعني قال ذلك رجل مع الذين
انعم الله عليهم من النبين و الصدقين و الشهداء و الصالحين و حسن اؤلئك رفيقا
و هذا الحافظ العماد المقدسي الذي لا يخفى على طلبه العلم صام اخر يومه
عندما جائته المنيه قال يا حي يا حي لا اله الا انت برحمتك استغيث لا اله الا انت
و قبضت روحه و بعد ايام راه رجل في رؤيا و هو على حصان فقال له الرجل الى اين يا
شيخ فرد عليه ازور الجبار عز و جل
و هذا شيخ الاسلام ابو الوقت السجزي احد علماء الاسلام كان يكثر قراءه
القران كان يكثر التهجد في الليل كان اخر ما قال و هو يحتضر قال ياليت قومي يعلمون
بما غفر لي ربي و جعلني من المكرمين
عباد الله أسرعوا في الطاعات ، وعجّلوا في التوبة النصوح ، ولا تفارقوا دينكم
طيلة حياتكم ،فإنّ الله بكرمه وحلمه ، يغفر لمن تاب وأناب ، روى أبو سعيد الخدري أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال كان فيمن كان
قبلكم ، رجل قتل تسعة وتسعين نفسا ، فسأل عن أعلم أهل الأرض ، فدلّ على راهب ، فقال
:إنّه قتل تسعة وتسعين نفسا ، فهل له من توبة ؟ فقال : لا ، فقتله ، فكمّل به مائة
، ثمّ سأل عن أعلم أهل الأرض ، فدلّ على رجل عالم ، فقال : إنه قتل مائة نفس ، فهل
له من توبة ؟ فقال : نعم ، ومن يحول بينه وبين التوبة . أنطلق إلى أرض كذا وكذا ، فإن
فيها ناسا يعبدون الله ، فاعبد الله معهم ، ولا ترجع إلى أرضك ، فإنها أرض سوء. فانطلق
حتى إذا نصف الطريق، أتاه الموت ، فاختصمت به ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، إنه لم
يعمل خيرا قط ، فأتاهم ملك في صورة آدمي ، فجعلوه بينهم ، فقال : قيسوا ما بين الأرضين
، فإلى أيهما كان أدنى فهو له ، فقاسوه ، فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد ، فقبضته
ملائكة الرحمة )، فاهجروا يا مسلمون أماكن المنكرات والسوء ، وقاطعوا رفقاء السوء ،
ولازموا الصالحين ، واذكروا ربكم والمثول بين يديه للحساب ، عند كل خاطرة ، وعند كل
حركة ، ولا تقنطوا من رحمة الله ، فقد قال
النبي صلى الله عليه وسلم : (إن الشيطان قال : وعزتك يا رب لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم ، فقال الرب تبارك وتعالى
: وعزتي وجلالي ، لا أزال أغفر لهم ما استغفروني ).
اللهمّ اغفر لنا ذنوبنا ، وكفّر عنا سيئاتنا ، ولا تعذبنا بمعاصينا ، اللهمّ
إنا نعوذ بك أن يتخبطنا الشيطان عند الموت ، ونعوذ بك من درك الشقاء ، ونعوذ بك من
فتنة المحيا والممات ، ونعوذ بك من الكفر والفقر
، ونعوذ بك من عذاب القبر .
قال ص ( إن الله لا يستجيب دعاء من
قلب غافل ساه لاه ، فادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة )
الخطبة الثاني
الحمد لله رب العالمين ، الحليم الكريم ، الغفور الرحيم ، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،خلقنا
لعبادته ، واستخلفنا في أرضه ، ليبلونا أينا أحسن عملا ، فكونوا من العابدين الشاكرين
، ولا تكونوا من الغافلين ، ونشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله ، وصفيه وخليله ،
وصفوته من خلقه ، بلّغ رسالته ، وأدى أمانته ، ونصح أمّته ، اللهمّ صلّ وسلم وبارك
عليه ، وعلى آله ، وأصحابه ، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد ، أيها المسلمون :
إنّ
التوبة من الذنوب ، والإقبال على طاعة الله وعبادته ،والمبادرة إلى أعمال الخير ، والموت
على هذه الحال ، هي الخاتمة الحسنة ، التي أسال الله أن يختم لنا بها ، عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم :( إذا أراد الله بعبد
خيرا استعمله ) ، فقيل : كيف يستعمله ؟ قال : ( يوفقه لعمل صالح قبل الموت ، ثمّ يقبضه
عليه )
يا عباد الله : ولحسن الخاتمة علامات وبشائر تدلّ عليها ، أذكّركم منها بعلامتين
، الأولى : ثناء الجيران بالخير والصلاح لمن مات من الجيران ، قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : ( ما من مسلم يموت ، فيشهد له أربعة أبيات من جيرانه الأدنين إلاّ قال
الله : قد قبلت علمكم فيه ، وغفرت له ما تعلمون ) فبماذا سنشهد لجار يسيء الجوار بالنظر
، والكلام ، والنزاع ؟ وبماذا سنشهد لجار لا يراعي حرمة لأخيه المسلم قال الله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله
حق تقاته ، ولا تموتن إلاّ وأنتم مسلمون ) قال العلماء عند هذه الآية : ( أحسنوا في
حال الحياة ، والزموا هذا ليرزقكم الوفاة عليه ، فإن المرء غالبا يموت على ما كان عليه
، ويبعث على ما مات عليه .
رحم الله سفيان كان سفيان يشتد قلقه من السوابق والخواتيم فكان يبكي ويقول أخاف
أن أكون في أم الكتاب شقيا ويبكي ويقول أخاف أن أسلب الإيمان عند الموت.
عباد الله : إن من ثمار حسن الخاتمة
، النجاة من النار ، والخلود في الجنة ، قال الله تعالى : ( وإن منكم إلاّ واردها ،
كان على ربك حتما مقضيا ، ثمّ ننجي الذين اتقوا ، ونذر الظالمين فيها جثيّا )
اللهم ّ ربنا نعوذ بك أن نرجع على
أعقابنا ، أو أن نفتن في ديننا .
اللهمّ أحينا مسلمين ، وامتنا مسلمين ، وابعثنا من قبورنا مسلمين آمنين .
اللهمّ احفظ المسجد الأقصى من كيد الكائدين ، وارزقنا الغدو
والرواح إليه في كل وقت وحين
اللهمّ انصر الإسلام والمسلمين ، وأعل
راية الحق والدين .
اللهم انصر و اعن اخواننا في سوريا و بورما و مالي على المعتدين الظالمين و
سائر بلاد المسلمين.
اللهم اغفر لنا ولآبائنا ولأمهاتنا ، ولمن لهم حق علينا ، واغفر اللهم للمسلمين
والمسلمات ، الأحياء منهم والأموات .
عباد الله : (إن الله يأمر بالعدل والإحسان و ايتاء ذي القربى ، وينهى عن الفحشاء
والمنكر والبغي ، يعظكم لعلكم تذكرون ) ، فاذكروا الله يذكركم و اقم الصلاه
خطبة جميلة وعظيمة
ردحذف